• نص الحديث الثقافي في احتفالية ولادة الامام علي (ع)

    2015/ 04 /29 

    نص الحديث الثقافي في احتفالية ولادة الامام علي (ع)


    بسم الله الرحمن الرحيم
     

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا سيد الانبياء والمرسلين حبيب اله العالمين ابي القاسم محمد وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين الميامين ثم الصلاة والسلام على سيد الوصيين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين علي بن ابي طالب (ع) .. السادة الافاضل الاخوة الاكارم الاخوات الفاضلات بداية ارحب بكم اجمل ترحيب وأبارك لكم هذه الايام الشريفة الكريمة من شهر رجب الاصب الذي تصب فيه الرحمة صبا والذي يتزامن مع مواليد عديدة لأهل البيت (ع) ومنها ولادة سيدنا ومولانا امير المؤمنين الامام علي (ع) وفي هذا اليوم في العاشر من رجب الاصب يقترن بذكرى ولادة حفيد رسول الله (ص) الامام محمد بن علي الجواد (ع) ونحن في بغداد في رحابه .


    علي (ع) يمثل امتداد لرسول الله (ص) وتجسيدا للإسلام المحمدي الاصيل

         في هذه المناسبات العطرة والكريمة نبارك فيها للأمة الاسلامية جمعاء ونسال الله تعالى ان يجعلنا من السائرين على نهج رسوله الاكرم وأهل بيته الاطهار (ع) ، ماذا نقول في علي الرجل الاسطورة الرجل القدوة الرجل الذي كانت ولادته في اقدس مكان في الكعبة الشريفة وكانت شهادته في محراب صلاته في بيت الله في مسجد الكوفة وكرس حياته بين الولادة والشهادة في دعوة الناس الى الله تعالى فكانت البداية في المسجد والنهاية في المسجد والخط الفاصل بين البداية والنهاية هو القرب من الله تعالى والكمال نحو الله جل وعلا فهنيئا لنا بعلي هذا الرجل الذي ما تحدث عنه القرآن الا بلغة الجمع في اشارة انه يمثل امة ولا يمثل فردا يمثل نهجا في هذه الحياة يمثل امتدادا لرسول الله (ص) وتجسيدا للإسلام المحمدي الاصيل . بسم الله الرحمن الرحيم " انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون " هذه الفاء فاء التفريع ، علي امة ومنهج علي يمثل ذلك الاطار الذي يرتبط بالله هو الاطار لجماعة الله ، الحزب هو الجماعة في اللغة " فان حزب الله هم الغالبون " اي الجماعة التي تنتمي الى الله وتنصهر في المشروع الالهي والإنساني " الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " علي امة علي منهج علي اطار اسلامي جامع وشامل ماذا نقول في علي ، لاحظت هذه الرواية عن رسول الله (ص) يلخص فيها ويقيم فيها شخصية علي (ع) يقول الرسول الكريم فيما روي عنه ( من اراد ان ينظر الى آدم في علمه والى ابراهيم في حلمه " ان ابراهيم لحليم اواه منيب " والى موسى في هيبته والى عيسى في عبادته والى يحيى بن زكريا في زهده فلينظر الى علي بن ابي طالب ) هذا تلخيص من رسول الله (ص) لشخصية علي (ع) ، علي عصارة علي يمثل امتداد علي الوريث لحركة الرسالات الالهية من آدم حتى الخاتم (ص) ولذلك ليس هذا ما نشهد فيه نحن المسلمون وحدنا وانما هو ما تشهد به الانسانية جمعاء ، لاحظوا قرار الامم المتحدة في عام 2002 ماذا يقول هذا القرار التاريخي الذي اصدرته لجنة حقوق الانسان في عهد كوفي عنان " يعتبر خليفة المسلمين علي بن ابي طالب أعدل حاكم ظهر في تاريخ البشر " العالم يشهد لعلي ولنهج علي ولعدل علي ولاستقامة علي وللاقتداء بعلي ولأسطورية علي ، تميز علي (ع) بشخصية متزنة جمع الاضداد في شخصيته نجد في سماته اللين الرفق العطف الحنان التواضع خفض الجناح رعاية الفقراء وعوائل الشهداء البكاء على الظلامات التعاطف الوجداني مع ما يلم بالامة قمة الرقة في علي (ع) ، وفي الوقت نفسه علي ذلك البطل الصنديد الذي يقاتل تحت لواء رسول الله في كل الغزوات حتى ان المشركين لقبوه بقتّال العرب دفاعا عن العقيدة وعن الرسول وعن الرسالة ، كيف تجتمع هاتين السمتين من يكون رقيق القلب عادة يصعب عليه ان يمسك السلاح والسيف ويبطش بأعداء الله ولكنه كان نموذجا وراقيا ومتميزا لقول الله تعالى " اشداء على الكفار رحماء بينهم " هكذا كان علي (ع) لا تأخذه في الله لومة لائم حازم شديد في الحق ، محمد بن ابي بكر ذلك العالم الجليل الذي كان ينظر اليه امير المؤمنين علي انه احد ابنائه له مواقف جليلة في ظروف البيعة في الجمل في مواقف ومنعطفات كثيرة مر بها علي (ع) كان لمحمد بن ابي بكر موقفا متميزا ولذلك كان يثق به كرمه وولاه مصر واليا لمصر ونحن اليوم نتشرف بضيافة وفد كبير من جمهورية مصر العربية الشقيقة ونعتز بحضورهم بيننا ، بعد مدة تبين ان محمد بن ابي بكر عالم ولكنه ليس مدير ما استطاع ان يدير دفة الحكم بشكل صحيح ارتفعت اصوات الناس فكان بين خيارين اما ان ينتصر للشعب المسلم ويختار لهم من يحسن الادارة واما ان ينحاز لمحسوبياته وعلاقاته والحسابات الخاصة التي تربطه بمحمد بن ابي بكر فغلب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وقدم ورقة بإعفاء محمد وأرسل مالك الاشتر ليكون واليا على مصر لاحظوا الحزم ، عقيل بن ابي طالب اخوه كان يعيش الفقر المدقع كان ابناءه يتذرعون من الجوع والفاقه جاء اليه وكان بصيرا لا ينظر بعينيه جاء الى علي وقال يا علي هذا ظرفي وظرف ابنائي اعطنا من اموال المسلمين قال الم تـاخذ حصتك قال بلى ولكنها لم تكفني اريد زيادة قال انا اخوك ، علي (ع) ارتأى ان يجيبه بجواب عملي وليس بالكلام اخذ حديدة ووضعها على النار حتى حمت قربها منه حينما استشعر بحرارة النار صرخ قال يا علي ما هذه النار التي تقربها مني قال ، الله حديدة يحميها ويضرم النار فيها انسان لدقائق لا تتحملها وتريد ان اتحمل النار المستعرة من الله تعالى وأميزك عن غيرك ، لاحظوا الحزم والشدة والوضوح في الانتصار الى الحق .

    في بيعة الشجرة في بيعة الرضوان في اجواء الحديبية في ذلك الموقف المحرج جمع رسول الله اصحابه الف وبضع مئات من الناس طلب منهم البيعة على الموت وعدم التراجع والتردد وان يحالفوا معه حتى النصر او القتل والشهادة كان موقفا غريبا والناس لم يكونوا مستعدين نفسيا لاعطاء مثل هذا الالتزام فكان علي الشاب العشريني اول من تصدى ورفع يده وقال ابايعك يا رسول الله على الموت فبدأ يشتد عود الآخرين ويقوى قلبهم ويأتي واحدا تلو الآخر ويبايعوا رسول الله حتى من كان مترددا جاء مضطرا او خجلا ليبايع رسول الله (ص) هذا الوضوح فنزلت الآية الشريفة من سورة الفتح " لقد رضي الله عن المؤمنين اذا يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم " الله علم ما في قلوبهم هذا الاقدام بلا تردد او دراسة للخيارات بلا تقدير للمصلحة الخاصة هذا امر رسول الله (ص) فعلي لبي النداء ، كان يجمع بين الشجاعة والمظلومية والشجاع يأخذ حقه لا يكون مظلوما فكيف اذا كان شجاعا وحاكما لا معنى للمظلومية حينذاك ولكنه يقول " لقد اصبحت الامم تخاف ظلم رعاعها وأصبحت اخاف ظلم رعيتي " الناس تخشى الحاكم والحاكم لا يخشى الناس ، في وقت الناس تخشى الحاكم لكن انا علي الحاكم اخشى رعيتي عندي موازين وضوابط في التعامل لا استطيع ان اضغط عليهم ان افتك بهم ان ارعبهم بأجهزة قمعية وأمنية مبادئي لا تسمح فانا مكبل ، الناس تشتكي وتقول وترفع اصواتها في حكم علي فأصبح يخاف ظلم رعيته .
     

    علي (ع) يجمع بين الزهد والعطاء

        كان (ع) زاهدا يحسب حساب لما يستفيد منه من نعم هذه الدنيا يربي نفسه تربية خاصة وكان يعمل وينفق هذا المال نتاج عمله ينفقه في عتق الرقاب وأعتق أكثر من ألف رقبة وكان يطعم الفقراء والمساكين يحتفي بزي آخر في كل ليلة ويضع الطعام على كتفه ويسير في ازقة الكوفة ويضع الطعام على ابواب الفقراء وعوائل الشهداء ويطرق الباب ويغادر ويجدون الطعام امامهم ولا يعرفون مصدر هذا الطعام ، وكان بعضهم يسيء الى علي (ع) ويقول مجهولون يأتون لنا بالطعام وعلي الحاكم بعيد علينا ولم يعرفوا ان من يجلب الطعام لهم هو علي الا حين استشهاده وما ان قتل علي حتى انقطعت كل تلك المساهمات والعون الذي كان يقدمه علي لهم فعرفوا انه كان علي ولكن كان يحبب ان يقدم ذلك بالسر ، ما اكثر الامثلة التي يمكن ان نسوقها في هذا الامر ، كان يذهب مع خادمه قنبر فيشتري ثوبين الافضل يعطيه لقنبر ويقول انت شاب ولك سلوك الشباب،  والاردء يرتديه هو وهو خليفة المسلمين ولم يكن يميزه احد في يوم من الايام كان هناك غريب دخل الى المدينة الى الكوفة ووجد علي يمشي لوحده في الشارع لم يكن يعرف علي هيأته زيه زي رث بسيط توقعه حمالا قال يا هذا هل تحمل لي هذه البضاعة وتأتي بها الى البيت فأخذها علي وحملها على كتفه وكان يمشي في السوق والناس تسلم عليه بالإمرة السلام عليك يا امير المؤمنين مرة ومرتين وثلاث هذا الرجل استغرب ومن هو امير المؤمنين تسلمون عليه قيل له هذا فشعر بالحياء والخجل واعتذر من علي (ع) وقال ما توقعت امير المؤمنين هذا زيه وبهذه الطريقة يتواضع الى الناس ولم يرتضي على (ع) الا ان يوصل هذه البضاعة الى داره ، هكذا كان يتعامل علي (ع) وهو يلخص سلوكه التقشفي في هذه العبارات والتي يرويها صاحب نهج البلاغة في كتابه الخامس والأربعين في رسالة لعلي (ع) لعثمان بن حنيف ، "ألا وان لكل مأموم أماما يقتدي به ويستضيء بنور علمه ، ألا وان امامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه : اي بهذه القطعتين من الملابس ، ومن طعمه بقرصيه : واكتفى من طعامه بهذين القرصين من الخبز والرغيف ، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن اعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد " امير المؤمنين هو يقول انتم لا تقدرون وليس مطلوب منكم ان تعيشوا التقشف بالمستوى الذي اعيشه لكن المهم الاستقامة "بورع واجتهاد وعفة وسداد " انه كان ليقوت اهله بالزيت والخل والعجوة : نوع من التمر قيل ان رسول الله (ص) غرسه فكان يأكل ومن معه في بيته وهو خليفة المسلمين الزيت والخل والتمر في زماننا وكان من ياكل الخبز والجبن او الخبز واللبن ابسط انواع الطعام الذي يتصور ، كان يجمع بين التشدد في المال العام في الحق العام والتساهل في حقوقه الشخصية ، ما هو حق شخصي له يكون متساهلا فيه وما هو حق للعامة وللناس كان يتشدد فيه ، هو يقول "لاسالمن ما سلمت امور المسلمين وكان الجور علي خاصة " اذا كنت انا شخصيا تحت الضغط اتحمل لكن ليكن المواطن ليكن الشعب في راحة ، لاحظوا في نهج البلاغة الخطبة 15 هذه اول خطبة بعد ان تصدى للخلافة ، فيها "والله لو وجدته ( المال العام وأموال الشعب ) لو وجدته قد تزوج به النساء ( اخذه احدهم المال العام وتزوج به امرأة وصارت زوجة وذهب المال ) وملك به الاماء لرددته ( اخرجه من حلقوم من اخرجه وأعيده الى بيت المال والشعب ) فان في العدل سعة ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه اضيق "

    علي مع الحق والحق مع علي

        في رسالته لأحد ولاته والتي يبدو انه اخذ مبلغا من المال كان يعتقد هذه من صلاحياته واستحقاقاته كيف في زماننا المسؤول يأخذ ايفاد ومبلغ للإيفاد هذا الوالي اراد ان يسافر فاخذ مبلغا من المال معه وسافر وأرسل له رسالة يذكرها صاحب نهج البلاغه في كتاب 41 يقول له " فاتق الله واردد الى هؤلاء القوم اموالهم "ليس اموال علي بل اموال الناس والمال العام الى هؤلاء القوم اموالهم فانك ان لم تفعل ( اذا ارجعتها جيد صار لك ما عرفت لكن اذا تمسكت بها معناها انت مصر على اكل اموال الناس ) فانك ان لم تفعل ثم امكنني الله منك " ووصلت اليك واستطعت ان امسك بك " لأعذرن الله فيك " اعمل بك شيء وافعل بك كما نقول في اللهجة الدارجة ، "حتى تكون عذرا بين يدي الله لي ان واليا وضعته ووضع يده على بيت المال " ولا ضربنك بالسيف الذي ما ضربت به احدا الا دخل النار  " ضربة بسيفي وهذا السيف ما ضرب احدا "علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار " عن رسول الله (ص) ، "والله لو ان الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت ما كان لهما عندي هوادة "ليس عندي قرابة ولا تساهل حتى مع ابني الحسن والحسين لو مدا يدهما الى المال العام ، "ولا ظفرا مني بإرادة حتى اخذ الحق منهما " لا تأخذه في الله لومة لائم لو كان الحسن والحسين لاتخذ هذا الموقف ايضا .


    تصديه لقيادة المسلمين سياسيا لم يكن طمعا في سلطان بل لدوافع الهية لخدمة الامة

         بل نلاحظ حتى في تصديه للشأن العام وللعملية السياسية انذاك قيادة المسلمين سياسيا يوضح  هو في اكثر من موقع ان هذا التصدي لم يكن رغبة وطمعا في سلطان  والوصول الى امكانات وجاهة وموقع وسلطة وانما كانت الدوافع الهية كانت البواعث ربانية كان الهدف خدمة المواطنين ، لاحظوا ماذا يقول بصيغة الدعاء ويشهد الله على ذلك " اللهم انك تعلم انه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان ولا التماس الشيء من فضول الحطام ( لا نريد ان ننافس السياسيين في مواقعهم ولا نبحث عن حطام هذه الدنيا ) "ولكن لنرد المعالم من دينك" ( نريد ان تكون معالم الدين حاضرة والعدالة الاجتماعية حاضرة والمباديء السماوية والرسالية في الانصاف بين الناس ان تكون حاضرة ) " ونظهر الاصلاح في بلادك " ( نريد ان نصلح ونطور ونريد الاعمار والازدهار لبلادنا ) "فيأ من المظلومون من عبادك "اذا كانت عدالة اجتماعية واعمار وازدهار واستقرار سيشعر المواطنون بالأمان ) في مأ من المظلومون من عبادك وتقام المعطلة من حدودك " ولذلك نجد انه يضع معايير متشددة لمن يتصدى للشأن السياسي وللشأن العام والخدمة العامة ، لاحظوا في الحكمة 68 في نهج البلاغة " من نصب نفسه للناس اماما فعليه ان يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره "ايها المسؤول ايها السياسي قبل ان تعطي شعارات وتعلم الناس بالشيء ابدا من نفسك وعلم نفسك وطبق وجسد هذه الاعمال وهذه المباديء قبل ان تتحدث بها الى الاخرين ، "وليكن تاديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه " الناس تسمع الكثير لكن تريد من يعمل ، ايها السياسي ايها المسؤول عملك وأدائك ليكن اداءا مبدئيا ، وليجد الناس مبادئك في سلوكك قبل ان يسمعوها في كلامك ، "ومعلم نفسه ومؤدبها احق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم " تزكية النفس يا مسؤول اهتم بتربية وإعداد نفسك قبل اعداد الاخرين ، هذا ما روي في روايات عدة "كونوا لنا دعاة صامتين " بغير السنتكم العمل السلوك الاداء ان يكون اداءا مبدئيا ورساليا ..


    منهج امير المؤمنين (ع) يتمحور حول بناء الانسان والانطلاق لبناء الدولة 

        منهجه في الحكم كان يعتمد ويتمحور حول الانسان كيف يبني انسانا في المجتمع وينطلق من بناء الانسان لتبنى الدولة على اكتافه ، فيما ان المنهج الاخر هو بناء الدولة للسيطرة على الانسان ولحكم الانسان ولماذا تحتاج الدولة لتحكم المواطنين لتضبط ايقاعهم وشتان بين محورية الانسان  وبين محورية الدولة المهيمنة والمسيطرة على الانسان ، انظروا الفارق الكبير بين المنهجين ، ولذلك نجد اهتمام امير المؤمنين بالبعد المعرفي الفكري والثقافي والعقيدي والنفسي والروحي اهتمام وافر في اوج الحرب والصراع في احدى معاركه جاءه احد المقاتلين قال ياعلي ماذا يعني احد في قوله تعالى قل هو الله احد " ماذا يعني احد والمقاتلين الاخرين وجدوا ان هذه قضية تفصيلية واين الان في وقت السؤال والحرب قائمة والرؤوس تتلاقفها السيوف فقالوا له انت ( بطران ) لهذا السائل اين نحن وهذه الاسئلة عندما نرجع الى مسجد الكوفة اسئل الامام قال لا ونحن في لحظة الحرب علي علي السلام قال "لا  نحن نقاتل من اجل هذا " تعال لأقول لكم اهو الاحد نحن نقاتل من اجل المعرفة ونقاتل من اجل القيم ومن اجل المباديء ومن اجل الرؤية والبصيرة ومن اجل ان يكون مستوى معرفي وثقافي مرتفع في مجتمعاتنا ومن اجل ان نعيش حياة كريمة انسانية "ولقد كرمنا بني ادم " كما في القران الكريم ، لاحظوا هذا المنهج المعرفي منهج بناء الانسان في حكم علي (ع) وهذا ما تطلب ان يمنح الحريات الواسعة في فترة حكمه ، حرية الفكر والنقاش وكان اي مواطن بسيط يقف في المسجد ويعترض على علي ويسأله ويناقشه ويأخذ ويعطي معه في الحديث وأصبحت هذه ظاهرة بسيطة وطبيعية حرية الاعتراض وحرية العقيدة وكان في رحاب حكم علي من هو متعدد في الديانات والانتماءات والمشارب الفكرية المختلفة وكان يقول " كل شيء مباح ما لم يرفع احدهم السيف ويخل بالنظام في المجتمع "دون ذلك مسموح حتى الخوارج لم يقاتلهم الا حينما قطعوا الطريق ورفعوا السلاح بوجه علي  وبدئوا بقتل الناس وتحملهم طويلا وتجرع المحن والآلام من انحراف ومن سوء تعاملهم معه ومن ارباك مجالسه ومحاضراته وخطبه في المسجد وغير ذلك كانوا يقفون ويقاطعون اثناء الصلاة ويرفعون اصواتهم بآيات من الذكر الحكيم فيها تعريض بعلي عليه السلام ولم يسمح ان يتعرض لهم احد وكان يتحملهم حتى رفعوا السلاح فقاتلهم وأعطى لهم فرص كبيرة في النهروان  وقف وقال " كل من يذهب تحت تلك الراية ويتخلى عن القتال انا لا اقاتله " ذهب عدد من الناس من اولئك الخوارج وقفوا تحت تلك الراية وهم يسبون علي ويشتمون علي قال "مادمتم لا تحملون السلاح انا لا أقاتلكم " وحتى بعد ان اضطر لقتالهم في النهروان وقاتلهم ترك وصية خالدة "لا تقاتلوا الخوارج من بعدي فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه " اولئك عندهم عقيدة منحرفة وفاهمين الامور خطا ويتصور انه على خطا قاتلوهم بمقدار الضرورة بدفع الاذى دون ذلك الزمان كفيل بتصحيح عقائدهم وهدايتهم الى غير ذلك ، اذن كان منهج علي منهج الحرية الفكرية ، كان منهج علي بعيدا عن القمع والاستبداد والاستفراد بالراي وكان يمنع قمع الافكار وتكميم الافواه ، هذه الحرية والعدالة الاجتماعية معدنين اساسيين في حكم علي (ع) ولذلك كان البنيان الذي بناه اقوى من بناء الحكومات والإمبراطوريات , تلك ببطشها وفتكها وأجهزتها القمعية توجد حالة من الخنوع في لحظة ما فتبدو الامور مستقرة والكل يصفق ويقول نعم سيدي ، ولكنه خواء وان اوهى البيوت لبيت العنكبوت " سرعان ما يتهاوى اما الحكم القائم على اساس الانسان والوعي والمعرفة والرؤية دوم هناك اعتراض وهناك رأي اخر هناك تنوع وتعدد ولكن الجميع متمسك ومتشبث بالحياة وبحماية تلك الدولة فتلك الدولة المبتنية على اساس الحق دولة مستدامة ، منهج علي هو المنهج الناجع على المستوى الاستراتيجي ومنهج الطغاة والدكتاتوريات هو المنهج الذي يحقق نجاحات لحظية وقتية زمنيا قصيرة ، ولذلك علي هو يقول "دولة الباطل ساعة ودولة الحق الى قيام الساعة " الباطل في لحظة ما يقبض هيمنته ويتسلط على الناس وعلى ارادة الناس ويكمم الافواه والكل يتحدثون باللون الواحد والحزب الواحد والقائد الضرورة ، ولكن في لحظة انهيار ينتهي كل شيء ويصبح ملعنة للتاريخ اين الطغاة اين الظالمين اين الامبراطوريات الكبرى ذهبوا دون رجعة اين علي واين من مثل علي ومن على نهج علي في الحكم العادل هؤلاء اليوم نجدهم قامات شامخة في ضمير التاريخ وفي ذاكرة التاريخ ، ومن هنا علينا ان ننتقل الى واقعنا السياسي في العراق .

    اخبار ذات صلة