كلمة السيد الحكيم في التجمع الحسيني السنوي في ساحة الخلاني ١٤٤٥هـ - ٢٠٢٣ م

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين

السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك ، عليك منا جميعاً سلام الله أبداً ما بقينا وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهدِ منا لزيارتكم..

السلام على الحسين .. وعلى علي بن الحسين .. وعلى أولاد الحسين .. وعلى أصحاب الحسين..

الذين بذلوا مهجهم دون الحسين (عليه السلام) ..

لبيك داعي الله .. إن كان لم يجبك بدني عند استغاثتك ولساني عند استنصارك فقد أجابك قلبي وسمعي وبصري ...

السلام علیكم أیھا الحسینیون .. رجالا ونساءً.. شیبا وشبابا 

السلام علیكم وأنتم تلبون نداء نصرة الحق في كل زمان ومكان.. 

فنداء الحسین (علیه السلام) حینما قال : (ألا من ناصر ینصرنا) لم یقتصر على ذلك الزمان ولا ذلك المكان.. 

بل ھو نداء ممتد لتلبیة القیم والمبادئ في كل زمان.. 

نداء لنصرة المظلوم والثورة على الظالم أینما كان.. 

نداء الحق ضد الباطل.. 

نداء الیقین والإیمان .. ضد الشبھات والانحرافات.. 

سیدي یا حسین .. ھا نحن ھنا كما في كل عام لنجدد العھد ونلبي النداء.. 

ونجدد الانتصار لمشروعك وقضیتك التي بذلت دمك الطاھر من أجلها.. 

ولم يثنك عن ذلك شيء وأنت ترى أهل بيتك و أصحابك أمامك مقطعي الأوصال.. 

فقد صدحت بوجه طاغوت الباطل وهتفت أمام جحافله: 

((ألا وإن الدعي إبن الدعي قد ركز بین إثنتین، بین السلة والذلة، وھیھات منا الذلة)) 

ونحن هنا لنردد شعار الحق والكرامة والعزة والإباء .. ونقولها بعزم وإصرار .. ويقين وثبات ((هيهات منا الذلة)) ..

ھیھات أن نختار طریقاً غیر طریق الحق والكرامة.. 

وھیھات أن نُقصر في نصرة المظلوم ومقارعة الظلم والطغیان.. 

ھیھات أن نقف مكتوفي الأیدي وھناك من یسعى للنیل من ثوابت دیننا وقیم مجتمعنا.. 

ھیھات أن نركن للظالمین والمستبدین.. والساعين الى افساد الحرث والنسل.. 

فدمنا حسیني.. 

وفكرنا حسیني.. 

وسنبقى حسينيين ما دام فینا عرق ینبض.. 

ولن نتھاون أو نساوم على حساب الحق وأھله.. مھما اشتد الباطل وأعوانه.. 

فالحسين في ضمائرنا فريضة وعقيدة وقضية وهوية ، والحسين في عقولنا رسالة وأمانة ومنارة ومسؤولية ، والحسين في قلوبنا حرارة و شرارة و ظلامة ومنهج ، والحسين في أعيننا عَبرة وعبرة و سيرة ومسيرة ، (و إحنه غير حسين ما عدنا وسيله).

يا أبناء وبنات شهيد المحراب وعزيز العراق..

في كل عام نجدد الخطاب مع أھلنا وشعبنا من خلال حضوركم لھذه المناسبة الحسینیة الكبرى.. 

ونقف اليوم ونحن أمام مرحلة مفصلیة وھامة في ترسیخ الاستقرار ومفاھیم الخدمة والإعمار. 

لذا اشُیر إلى عدد من الأولویات التي یجب أن تكون حاضرة في المرحلة المقبلة:

أولا/ الأولویة السیاسیة:

یجب أن تكون أولویتنا السیاسیة متجھة نحو ترسیخ الاستقرار السیاسي والمجتمعي في البلاد.. 

فلا أمان ولا بناء ولا إعمار .. من دون استقرار وثبات ودیمومة لذلك الاستقرار. 

ومـن أبـرز مـقومـات الاسـتقرار ھـو تكویـن تحالفات سیاسـیة قویة .. رصـینة في رؤیتھا السیاسیة وحازمة في تنفیذ مشروعھا الخدمي.. 

فالتحالفات السیاسیة القویـة المتماسكة ھي أساس العمل السیاسـي الناجح.. وھي أھم ركائز مراكمة النجاح ومعالجة الأخطاء والتجارب السیئة. 

لقد قطعنا شوطا كبیرا في استعادة الریادة السیاسیة للمكون الأكـبر ولأبناء شعبنا كافة مـن خـلال (أئتلاف إدارة الدولة) وتـشكیل حكومة قویـة خدمیة تعمل على تثبیت أسس الاستقرار السیاسي واستعادة ثـقة الـمواطـن بـنظامـه السـیاسـي مـن جدید. 

ولابـد مـن الـعمل الجاد والمضاعف نـحو تـقویـة أواصر المعادلـة التي ساھـمت فـي تـشكیل حكومة الأخ السوداني ، وتعمیم تجربتھا في الحكومات المحلیة المقبلة. 

یجب أن لا نسمح بالعودة إلى مربع الاختلاف والتناحر السیاسي.. 

ویجب أن لا ننظر إلى عین الفوز السیاسي بحجم المقاعد الإنتخابیة فقط.. 

فنظرتنا یجب أن تكون أكبر.. وأكثر حكمة وبصیرة.. 

فمشروعنا أكبر.. وقضیتنا العادلة تجاه خدمة أھلنا وشعبنا تستحق الأكثر.. 

ولن يكون ذلك مـن دون إیثار وتكامل في أدوار حمل رایة الخدمة والإعمار والتوجـه نحو تثبیت استقرارنا السیاسي عبر تماسكنا ووحدتنا في القول والفعل والمواقف. 

فمصیرنا واحد.. 

وھدفنا واحد.. 

وشعبنا واحد.. 

ولابد أن نكون یدا واحدة في بناء بلدنا وتعزيز سيادته. 

حذار من التھاون في وحدة الصف والموقف.. 

فكل موضع نُشتت فیه الكلمة .. فإننا نعرض شبابنا إلى الضیاع والفوضى.. 

ویجب أن لا نسمح باختطاف شبابنا مرة أخرى.. 

ویجب أن لانُخیب ظنھم بحكومتھم وقواھم السیاسیة مرة أخرى. 

استقرارنا السیاسي.. سبیلنا نحو الأمان والطمأنینة وإعادة البناء. 

العراق بعد أشهر قليلة ، مقبل على جولة إنتخابية جديدة لمجالس المحافظات ، وهي تتطلب منا جميعا التحضير لها والمشاركة الواسعة والفاعلة والواعية فيها من حيث اختيار المرشحين وإنتخابهم والإسراع في استحصال البطاقة البايومترية كشرط أساسي للمشاركة في الإنتخابات خلال الأيام القليلة المتبقية على منحها.

-نتمنى أن تكون هذه الإنتخابات هي الأكثر التزاما من جميع الأطراف في التعريف ببرامجهم و خططهم و مرشحيهم من دون اللجوء إلى الأساليب التسقيطية التي تعكر أجواء الإنتخابات ، ونأمل أن تبذل المفوضية قصارى جهودها في الحفاظ على نزاهة الإنتخابات ونتائجها لنكون أمام معادلة مرضية لجميع الناخبين والمرشحين والقوى المشاركة .

-إننا نعلن التزامنا التام اتجاه جماهيرنا وحقوقهم و مطاليبهم الحقة ، من خلال تقديم أفضل البرامج وأفضل المرشحين القادرين على تلبية تلك التطلعات في محافظاتنا الكريمة ، وندعو جماهيرنا إلى ترصين الصفوف والجهوزية التامة للمشاركة وتحقيق الانتصار المأمول .

كما نؤكد التزامنا بوحدة الصف الوطني و وحدة المكون الأكبر في سياق التنافس الشريف مع كافة القوائم الوطنية الأخرى.

ثانیا/ الأولویة الاقتصادیة :

نجدد دعوتنا بأن یكون المسار الاقتصادي ھو الأساس والركیزة في مرحلتنا المقبلة.. 

فتحدیاتنا اقتصادیة .. وحلولنا یجب أن تكون اقتصادیة في المقام الأول. 

یـجب أن تكون لدیـنا برامـج عملیة واضحة نحو توفـیر فرص عمل تـلیق بطموح شـبابـنا وتمكن لھم العیش الكریم.. 

یجب أن تـكون لـدیـنا تشـریـعات وقـوانـین تـمكن أصحاب الـمشاریـع الـصغیرة مـن المنافـسة في الـسوق المحلیة. 

یجب أن تعمل الحكومة على تـمكین أصحاب رؤوس الأموال والمسـتثمریـن الـعراقـیین لمـنافـسة الـبضائـع الأجنبیة التي غزت السوق العراقیة.. 

إن شبابنا بـأمـس الـحاجـة إلـى فـرص عـمل كـریـمة تـؤمـن مسـتقبلھم.. وتستثمر طاقاتھم الـكبیرة في بناء بـلدھـم ومجتمعھم.. وعـلینا الـعمل عـلى تـحقیق ذلك وأن لانسمح بتحريض شبابـنا مجـددا نحو الفوضى والتشـتت والضیاع... 

-الحلول لا تكون عبر القروض المصرفية فقط.. 

-ولا تكون عبر الاتكال على القطاع الحكومي فحسب.. 

الحلول یجب أن تتجه نحو صيغ جديدة لمعالجة التحدیات بشكل بنیوي من خلال الآتي: 

1. اطلاق الإستراتیجیة الاقتصادیة الكبرى الشامـلة لجمیع القطاعات .. من خلال مصارحة الشعب بالتوقـیتات والمراحل العملیة وسبل المعالجة المطلوبة للمعوقـات..
2. المباشـرة بإطـلاق إسـتراتـیجیة زراعـیة شاملة لجمیع موارد العراق ضـمن أسـقف زمـنیة واقـعیة وطـموحـة تـساعـد عـلى استعادة الـعراق لموقـعه الـزراعـي وتـأمـین جـمیع مـتطلباتـه الـغذائـیة ، و وضع حلول جذرية للجفاف والفقر المائي الذي يعاني منه العراق والمنطقة.
   مـن أجـل إعـادة ثـقة الشاب العراقـي وتوجھه نحو المشاریع الزراعیة الواعدة. 
3. تحديد سـقف زمني نھائي للتخـلص من مشكلة الكھـربـاء الـتي تـمثل أكـبر مـعوق أمـام إعـادة بـناء الاقـتصاد الـعراقـي.. فـلا اقـتصاد محـلي مـن دون إنـھاء مـشكلة الكھـربـاء والتخـلص مـن ھـذه الـمعانـاة الـتي تحـملھا شـعبنا لـسنین طـویـلة. 
4. تضييق الخناق على مافيات الفساد ومضاعفة عمليات مكافحة الفساد ، وهنا أوجه خطابي للإخوة في هيئة النزاهة والمؤسسات الرقابية الأخرى وأقول لهم إضربوا المفسدين الحقيقيين و رؤوس الفساد الكبيرة بلا تردد ، وستجدون الاسناد والدعم الكامل من أبناء شعبنا ومن القوى الوطنية الخيرة.

ثالثا/ الأولویة المجتمعیة 

لأنـنا مسـلمون.. ولأنـنا حسـینیون.. ولأنـنا عراقـیون فـي الانـتماء وفي الـقیم والـثوابـت المجتمعیة الأصیلة.. لابـد أن نـنتصر لـقیمنا ومـبادئـنا وأن لا نـسمح لـلدخـلاء بالـمساس بتلك الـقیم الـتي تمثل أسـاس تماسـكنا المجتمعي ووحدته.

وانطلاقاً من ذلك لابـد أن تـكون مـواجـھة ظـواھـر الانحلال الخلقي مـن أولـى الأولـیات فـي جـمیع المجالات. 

وأن نـتشارك جـمیعاً ، كـلاً مـن مـكانـه ومـوقـعه وتـأثـیره الـمجتمعي فـي مـواجـھة ذلـك الانحـراف والابـتذال الـذي یستھدف أسُرنا في المقام الأول. 

وھنا أخاطب شبابنا الأعزاء وأنبھھم .. 

أیھا الشباب.. أنتم حُماة ھذا الوطن.. وبكم نصون مبادءنا وقیمنا الأصیلة.. 

إنھم یریدون النیل من أسُركم.. وأعراضـكم.. ویریدون تحویلكم إلـى سـلع استھلاكیة متعطشة إلى الملذات والرغبات بلا عقل أو وعي وتحت ذرائع واھمة لا أساس لھا من الصحة والبرھان. 

فلا تـسمحوا لـلدخـلاء بـأن یتسـللوا بـین أسُركـم .. من خلال الـتشویـش عـلیكم وعلى إخوتكم وأھـلیكم بـمفاھـیم منحرفة تحت غطاء الحریة المغلوطة.. 

ولاتسمحوا لھم بأن یُغیبوا عقولكم ویسلبوا إرادتكم من خلال إشاعة المخدرات والسموم.. 

إنـھم یـسعون نـحو نشـر الـمثلیة.. وإشـاعـة الانحـراف والمخدرات.. وبـث الـفوضـى فـي بـلدانـنا الإسـلامـیة والـعربـیة من خلال الحث على التمرد والعصیان.. وتزییف الحقائق وفبركة الأكاذیب .. واشاعة الفرقة والتناحر. 

فھم لایریدون بكم وبأسركم ومجتمعكم وبلدكم خیراً.. 

إنھم أبواق الشیطان.. وخناجره المسمومة.. 

كونوا حسينيين في مواجھة الباطل بجمیع أشكاله وصوره.. 

إن تنصروا الله.. ینصركم ویثبت أقدامكم..

وإیاكم والركون إلى الظالمین والمفسدین.. 

كونوا سداً منيعاً أمام الباطل وجیشه.. كما كان إمامكم الحسین أمام جیش الباطل وجنوده.. 

لم ترعبه كثرة المفسدین ولاقلة المناصرین.. 

كونوا ناصرین وناصحین بفعلكم قبل قولكم.. 

فنصرة الحق شجاعة.. والخنوع أمام الباطل جبن وخیانة.. 

إنـني أدعـو مجلس النواب من خلال لجانه الـثقافـیة والاجـتماعـیة.. وعـبر مؤسسـتنا القضائیة إلى اصدار تشـریعات صارمة وحاسمة بشأن المروجین لعناوين الابتذال والانحراف.. وتجار الرذیلة والسموم.. 

وأن لا تأخذھم في ذلك لومة لائم. 

إن كـان البعض یـسعى إلى تـغییب الرجولـة.. فھـذا شأنه.. لكن علیه أن لا یقترب من مساحات و مواطن الرجال والكرامة.. 

وإن كـان البعض یـسعى لسلب المرأة عـفتھا وكرامتھا.. فـمجتمعنا یـقدس كـرامـة الـمرأة ویـصون حـقوقـھا.. ولـن نـسمح بالتھاون في ذلك مطلقا. 

وفي السياق الإسلامي والعربي نؤكد على قضية المسلمين الأولى (القدس الشريف والقضية الفلسطينية الحقة) ، كما نبدي اعتزازنا الكبير بمرجعيتنا العليا وبشعبنا العراقي الأبي وأمتنا الإسلامية الواحدة وحكومتنا العراقية وموقفهم الصريح والحازم بأزاء الأفعال الشنيعة والإجرامية التي استهدفت وتستهدف عقيدة وهوية المسلمين وفي مقدمتها القرآن الكريم والرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وشريعتنا الغراء.

ونجدد استنكارنا الشديد لتكرر انتهاك حرمة المسلمين بحرق المصحف الشريف والعلم العراقي على يد البعض من مرضى النفوس والأنكى هو الترخيص الرسمي من الجهات الحكومية السويدية لهذا الفعل الشنيع وتجاهل ردود الأفعال الدولية الرافضة لازدراء المعتقدات والإساءة لمقدسات جميع الأديان والمذاهب وايجاد الأرضية لإشاعة روح الكراهية بين شعوب العالم.

كما ندعو المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لا سيما الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي لمواجهة هذا الفهم المعوج للحريات ونشدد على الاحتجاجات السلمية التي تتسق مع منهج القرآن الكريم.

وإن دلت هذه الحوادث على شيء فإنما تدل على أهمية وحدة الصف في مقارعة الأجندات الشيطانية التي تستهدفنا جميعا.

فإسلامنا و قرآننا و نبينا وأئمتنا ومراجعنا ومقدساتنا وهويتنا الراسخة هي خطوط حمراء ، لانقبل ولا نسمح لأحد بتجاوزها.

إن اعتدالنا و وسطيتنا لاتعني أبداً ، القبول بالتجاوز على معتقداتنا و هويتنا وقرآننا العظيم ، وسنبقى أول المدافعين عنها ولن نتهاون فيها ما دام فينا عرق ينبض .

حمى ﷲ العراق وشبابه وأھله.. 

حمى الله مراجعنا العظام ولاسيما المرجع الأعلى الإمام السيستاني (دام ظله الوارف) وقواتنا المسلحة وحشدنا الشعبي وتشكيلاتنا الوطنية بصنوفها المختلفة.

حمى ﷲ جمیع بلداننا الإسلامیة والعربیة وشبابھم من كل سوء ومكروه.. 

رحم الله شهداءنا الأبرار ولا سيما قادة الانتصار ..

إنه نعم المولى ونعم النصیر

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته