• السيد عمار الحكيم : كان للحوراء زينب دور اعلاميا وسياسيا وثقافيا كبيرا في التعريف بالنهضة الحسينية وتعبئة الامة

    2015/ 02 /25 

    السيد عمار الحكيم : كان للحوراء زينب دور اعلاميا وسياسيا وثقافيا كبيرا في التعريف بالنهضة الحسينية وتعبئة الامة


    بسم الله الرحمن الرحيم
     

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا سيد الانبياء والمرسلين حبيب اله العالمين ابي القاسم المصطفى محمد ( ص) وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين الميامين .

        السادة الافاضل، الاخوة الاكارم الاخوات الفاضلات ، بداية ابارك لكم هذا اليوم الشريف ، وهذه الذكرى العطرة، حينما نقف لنبتهج بذكرى الولادة الميمونة لسيدتنا ومولاتنا الحوراء زينب ( صلوات الله وسلامه عليها) هذه المرأة الاسطورة المرأة القدوة، المرأة التي جاءت لتعبر عن طبيعة الانطلاقات التي يشهدها الانسان، الانسان المرأة، وتاثيره الكبير ليس على النساء وحدهن وانما على الانسانية جمعاء، رجالا ونسوة، الحوراء زينب تلك الوليدة في احضان النبوة والرسالة ولدت في السنة الخامسة للهجرة النبوية الشريفة وقضت سنينها الخمس في رحاب رسول الله (ص) ليفارقها وهي في الخامسة من عمرها، زينب التي جاءت بها أمها فاطمة الى علي ( عليه السلام ) حتى يسميها  ، وما كان لعلي ان يتقدم على رسول الله (ص) فنقلها علي وحملها الى رسول الله (ص) ، بل تخبرنا الروايات ان الرسول  (ص) كان في سفر عند ولادة زينب ، فلم يسموها وانتظروا قدوم رسول الله (ص) وعرضت على رسول الله (ص) وماكان لرسول الله ان يسميها قبل ان يستمع لجبرائيل ،  فجاء اسم زينب على لسان جبرائيل من السماء ، ليعبر عن حجم هذه المرأة ودورها الكبير وهي ليست معصومة ،  ولكنها كانت تمثل قدوة حقيقية للمراة في الرؤية الاسلامية، يقال حينما نظر اليها علي (ع) اغرورقت عيناه بالدموع، فساله الحسين "لم تبكي يا أبه وقد رزقنا اختا " قال " تأت ايام تكشف السبب في هذا البكاء " وحينما عرضت على رسول الله (ص) نظر اليها وبكى لانها مدخرة لمهمة مهمة، لانها يجب ان تلعب دورا اساسيا في ثورة انسانية كبرى تمثل حلقة ومفردة من مفردات وحلقات التاريخ الانساني وتطوره.

    الحوراء زينب (ع) تمتعت بالفصاحة والبلاغة

        تكنى بأم المصائب، وواضح في شخصية زينب ( سلام الله عليها ) وكما ذكرت في الخامسة من عمرها فقدت رسول الله(ص) وعايشت أمها الزهراء وهي تبكي اسابيع على رسول الله، ثم فقدت امها الزهراء، ثم اباها علي (ع) ثم اخاها الحسن، وثم كانت مجزرة كربلاء وكانت حاضرة وشاهدة فيها، وكيف لاتكون ام المصائب وهي تعيش هذه المحنة وهذه الالام في طول حياتها الرسالية .

     سميت بعقيلة الطالبيين وكنيت بعقيلة بني هاشم وبالصديقة الصغرى ، وفقدت ابنين عزيزين من ابنائها هما محمد وعون في واقعة الطف، كانت مفسرة للقرآن الكريم وتقيم مجالس التدريس والتفسير في الكوفة، في بيتها وفي مسجد الكوفة بناء على بعض الروايات، وكان الدارسين والحاضرين من نسوة الكوفة ومن بعض رجالها كما في بعض النصوص والروايات، حتى ان ( عبد الله بن عباس )  يروي روايات وينقل امور ينسبها الى هذه المرأة العظيمة، فكانت كلها عطاء وكلها اثراء في الجانب الفكري والمعرفي والتفسيري، يكفيها شرفا ان يقول  في حقها الامام زين العابدين ( صلوات الله وسلامه عليهما) مخاطبا اياها "  انت بحمد الله عالمة غير معلمة وفهيمة غير مفهمة"  مما يشير الى علم لدني لدى الحوراء زينب .

     تمتعت بالفصاحة والبلاغة حتى انها لو نطقت ولو تكلمت اشعرت اولئك الادباء، اولئك العرب بازدهار الادب والفصاحة وأشعرتهم بالذهول والدهشة وكأن اباها علي ( عليه السلام ) هو من يتحدث ويخطب ، كانت متهجدة لا يفارقها قيام الليل، في كل الظروف، وحتى في ليلة عاشوراء في تلك الليلة الليلاء كما تروي ذلك فاطمة بنت الحسين ( عليه السلام ) حين تقول " وأما عمتي زينب فانها لم تزل قائمة في تلك الليلة ( اي في ليلة عاشوراء ) في محرابها تستغيث الى ربها فما هدأت لنا عين ولا سكنت لنا رنة في تلك الليلة وفي كل ليلة "، وفي بعض الروايات ان الحسين ( عليه السلام) في وداعه الاخير حينما جاءها مودعا  قال لها"  يا اختاه لا تنسيني من الدعاء في اناء الليل " لأنه كان يعهد فيها التهجد .

    الحوراء زينب (ع) سطرت اروع الملاحم في الشجاعة أمام الطاغية عبيدالله بن زياد

         ماذا نقول في شجاعة زينب وقد سطرت اروع الملاحم في وقفتها البطولية وفي ذبها ودفاعها عن الرسالة وعن مضامين تلك الثورة العظيمة الحسينية حينما وقفت في محضر ذلك الظالم الطاغية ان كان عبيد الله بن زياد في الكوفة وان كان يزيد بن معاوية في الشام، والخطب التي خطبتها امام سلطان ظالم وجائر سجلها التاريخ باحرف من نور ولايسعنا الا ان نشير الى مقتطفات قصيرة من هذه الخطب التاريخية العظيمة، حينما وقف عبيد الله بن زياد محقرا اراد ان يكسر عزيمتها واراد ان يفتك بها، حينما وجدها متنكرة ارتدت ملابس بسيطة وجلست بين النسوة في ذلك القصر فسال من تلك المراة التي يحاط بها عدد من النسوة ؟ فلم تجبه فكرر السؤال ثانية وثالثة فلم تجبه، واجابته بعض النسوة انها زينب ابنت علي بن ابي طالب ( صلوات الله وسلامه عليهما) فاراد ان يكسرها قال " الحمد لله الذي فضحكم واكذب احدوثتكم " : كذبتم وفضحتم وبان باطلكم وماذا لمراة شهدت واقعة الطف ورات امام اعينها اخوانها واصحابها واقاربها واهل بيتها مجزرين كالاضاحي  فقالت " انما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا " لسنا نحن من يفتضح ولسنا نحن من نكذب انت الكذاب الاكبر لاحظوا الشجاعة والبطولة والدفاع عن الحق في الظرف الصعب فقال بن زياد " كيف رأيت صنع الله بأخيك واهل بيتك " اراد ان يشمت بها ويتشفى من خلال اثارة مكامن اللوعة والألم في اعماق هذه المرأة الطاهرة ولكنه تفاجا قالت " ما رأيت الا جميلا " لاحظوا البصيرة والوضوح لاحظوا الثبات على الموقف والحق، اعظم المصائب تبدو جميلة حينما ينظر لها الانسان على انها ابتلاء من الله وسبب في الكمال الانساني المنشود " ما رأيت الا جميلا هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك امك يا بن مرجانة " لا تفرح وكأنك انتصرت في المعركة انت كسبت جولة عسكرية سريعة وخاطفة ولكن خسرت المعركة على طول الخط وما اقرب اللقاء حين نقف بين يدي الله تعالى فتحاج وتخاصم وسيتبين لمن الفلج ولمن النصر ولمن الظفر ومن كان هو المنتصر في يوم عاشوراء .

    موقف الحوراء (ع) في تحدي الحاكم الظالم يزيد

        في محضر يزيد ذلك الطاغية الارعن ايضا كانت لها خطبة طويلة بعد ان استفزها حينما وضع عصاه على شفتي ابي عبدالله وجاء في تلك الخطبة " فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فو الله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا " بنائك من خلال هذا الموقف العابر ان تنهي المعركة لصالحك ؟ وتعتقد حينما رفعت شعار ولواء اجدادك الكفرة السابقين حينما قلت لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية ان تنتهي القضية ! انت مخطىء ، لا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا يرخص عنك عارها ، سوف تبقى ملعنة للتاريخ على طول الزمان والدهور فتاتي امم من بعدك وتلعنك على هذه الفعلة الشنيعة ولا احد يرحب او يغطي الا النواصب الارهاب الداعشي يقول الحسين عدونا ويزيد قائدنا ، وغير داعش لم نسمع احد يتبجح بالانتماء ليزيد لا يوجد ، " وهل رأيك الا فند " رؤيتك ضائعة خائبة " وأيامك الا عدد " اين يزيد بن معاوية واين الحسين بن علي واين الحوراء زينب ، لاحظوا اليوم حينما نقرا هذه النصوص ونراجعها ندرك عمق ما قالته الحوراء زينب في ذلك الحدث التاريخي " يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين " هذه سنن التاريخ وسنن الحياة ونحن اليوم في رحاب الحوراء زينب لابد لنا ان نستذكر مكانة المرأة في رؤية الاسلام وهذه النماذج الاسطورية الحوراء زينب وأمها الزهراء البتول وعدد من ازواج النبي وامهات المؤمنين هذه نماذج كبيرة قدمها الاسلام ليعبر عن المكانة المرموقة للمراة في رؤية الاسلام ، الزهراء فاطمة كلما دخلت على ابيها رسول الله يقوم من مكانه ويقبل فاطمة ويحتفي بفاطمة ويجلسها في مجلسه وهذا السلوك كرره الحسين مع الحوراء زينب فكلما دخلت عليه قام اجلالا واعتزازا بهذه الشخصية واحتفى بها واجلسها في مجلسه هذه من سمات وطبيعة السلوك الذي كان للحسين مع الحوراء زينب (ع).

    لا يمكن ان نتصور ثورة ومشروع رسالي وإصلاحي بدون حضور للمرأة فيه

        ايضا الدور الثقافي والسياسي والاجتماعي للمرأة في نظر الاسلام واذا كانت مخدرات الرسالة يمارسن هذا الدور فلمً لا تمارسه النساء المؤمنات الذين ينتمون لهذه المدرسة مدرسة الاسلام الاصيل هناك دور مهم علم وتدريس وحضور وملاحم ومواقف ودفاع عن الحق وشراكة في تبني المشروع والانتصار للمشروع فالحسين كان يعلم منذ البداية ماذا ستكون النتيجة في هذه الثورة لكنه اصطحب الحوراء زينب واصطحب النسوة معه لانه لا يمكن ان نتصور ثورة انسانية ومشروع رسالي واصلاحي كبير يخص الانسانية كلها ولا يكون في هذا المشروع ، المرأة حاضرة وبقوة في الدفاع عن المشروع والانتصار له.

    البعد الاعلامي والسياسي والتعبوي للدور الزينبي الكبير

        ايضا في بعد آخر نستفيد من شراكة المرأة في الادوار الانسانية المرأة يجب ان يكون لها دور في كل المنعطفات والمسارات والإطارات التي تصب في المشروع الرسالي وهذا ما كان للسيدة الزهراء (ع) في نصرة علي (ع) وهذا ما كان للحوراء زينب في نصرة الحسين (ع) ارادوا ان يشوهوا ويشوشوا ويعتموا على هذه الثورة ويقولوا ان الحسين مارق وباغي وخارج عن جماعة المسلمين وأراد ان يشق عصا المسلمين هذه كانت الحملة التسويقية والإعلامية المضادة للعدو والهدف الذي انتهجه زين العابدين والحوراء زينب ان يدحضوا كل هذه الشبهات ويظهروا هذه الثورة بأبعادها الحقيقية التي تحدث بها الحسين (ع) " اني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله (ص) اريد ان آمر بالمعروف وانه عن المنكر " ارادوا ان يبينوا هذه الوجهة والاهداف المهمة التي حملها الحسين (ع) فتحملت الحوراء زينب الاسر والسبي كل ذلك من اجل ايصال هذه الرسالة وأفلحت ونجحت في ايصال رسالة واضحة ارتد فيها السحر على الساحر ولم يطل مكوثهم في الشام وسرعان ما ادرك يزيد حجم الخطا الستراتيجي والخطيئة الكبرى التي ارتكبها وان اهل الشام سيثورون بوجهه مما اضطر ان يعيد ابناء الرسالة بشكل وقور ومحترم بعد ان جاءوا بتلك الطريقة المذلة ، هذا هو الدور الزينبي الكبير في بعده الاعلامي والسياسي والتعبوي وفي جذوره الفكرية والمعرفية والثقافية في التعريف بالنهضة الحسينية بكل ابعادها وشرحها بالطريقة التي يفهمها الناس لتعبىء الامة وهي في موقع ضعيف وهي اسيرة ومسبية بين يدي يزيد بن معاوية .

    اخبار ذات صلة